لم أعد أتذكر موضوع الفيلم المصري، »النوم في العسل«، وربما لم يسبق لي مشاهدته إطلاقا، غير أن عنوانه مازال يحظى في نفسي بالكثير من الإثارة. تذكرت »النوم في العسل«، وألح علي هذا العنوان. منذ أسابيع وأنا أفكر في منجزات حكومة بنكيران منذ تنصيبها، ولم أجد إلا أن أُلْصِقً بها هذا الإسم لتصبح حكومة »النوم في العسل« عوض حكومة التهدئة التي يفضل الكثير نعتها بهذه الصفة. حكومة بنكيران أغرقت الشعب بالوعود المعسولة فاستسلم للنوم في انتظار تحقيق هذه الوعود، فغلبه النوم في عسل الوعود والإغراءات فنام في العسل. كان بنكيران يؤكد على جملة من القرارات منذ توليه رئاسة الحكومة، الرفع من رواتب الموظفين والزيادة في أجور الطبقة الشغيلة، محاربة الفساد، حماية القدرة الشرائية للمواطنين، إصلاح صندوق المقاصة، الكشف عن الموظفين الأشباح، مكافة الريع، وغير ذلك كثير. والخلاصة التي آل إليها عمل الحكومة منذ تنصيبها لم يكن أكثر من حكاية تلك المرأة الفقيرة التي اضطرت لإشعال النار تحت قدح من الماء ليتوهم أطفالها الصغار الذين يئنون من الجوع بأنها تهيء لهم أكلا لذيذا، وظلوا ينتظرون الى أن غلبهم النوم. وزراء بنكيران تناوبوا على إشعال النار تحت الإناء المملوء بالماء، كما فعلت تلك المرأة، ليوهمونا بأنهم جادون في عملهم، فهذا الوزير يكشف عن لائحة الموظفين الأشباح، والآخر ينشر لائحة المستفيدين من مأذونيات النقل، والآخر يكشف عن لائحة أصحاب مقالع الرمال، ووزير ينشر أسماء الموظفين الذين مازالوا يحتلون السكن الوظيفي رغم تقاعدهم، وأخيرا لم تظهر أية نتيجة. الفاسدون المفسدون مازالوا يعيثون في البلاد فسادا، وكيف لا وبنكيران يصرح بملء فيه بعبارة »عفا الله عما سلف«؛ والموظفون الأشباح مازالوا يستفيدون من المال العام دون أن يقدموا أي عمل مقابل ذلك، وآخرون مازالوا يحتلون السكن الوظيفي من شقق وفيلات. ومازالت مقالع الرمال ومأذونيات النقل تحت رحمة اقتصاد الريع. المواطنون استفاقوا من هذا النوم في العسل بعد أن أصبحت أصابعهم تصل إلى »قاع الخابية« حاشاكم، استفاقوا بعد أن أصبحت منجزات حكومة بنكيران واضحة للعيان، منها وقف الحوار الاجتماعي، والعجز عن إصلاح صندوق المقاصة والنظام الضريبي وصناديق التقاعد، والزيادات المتوالية في أسعار المحروقات والمواد الغذائية، وتملُّص الحكومة من الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وارتفاع بعض أسعارالخدمات المختلفة منها رسوم رخص السياقة وهلم جرا. والمواطنون يسجلون كيف تدهورت أحوالهم الأمنية، فارتفعت في عهد حكومة بنكيران حالات الإجرام والاعتداء والسرقة والعنف والاغتصاب، فأصبحوا لقمة سائغة بين أيدي العصابات المدججة بالسيوف ومختلف أنواع الأسلحة التي تطاردهم في الأزقة والشوارع وداخل الحافلات والقطارات، وتعترض سبيلهم في الطرق السيارة، وتنشر الرعب في المراكز السياحية وتعتدي على السياح الأجانب فتسرق من تسرق وتغتصب من تغتصب. وإذا كان البعض يصف هذه الحكومة بكونها حكومة تهدئة، فإن هذا الوصف ساهم في تدحرج المغرب اقتصاديا بسبع درجات، فإلى متى هذه التهدئة؟ فقد وصلنا إلى »قاع الخابية« حاشاكم.