شعبة العلم
شعبة العلم يرحب بالزوار الاعزاء وبطلب منهم ان يتركوا بصمة فيها
شعبة العلم
شعبة العلم يرحب بالزوار الاعزاء وبطلب منهم ان يتركوا بصمة فيها
شعبة العلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شعبة العلم

للتعليم والتربية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 إسقاط الطائرة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
chobah
المدير العام
المدير العام



عدد المساهمات : 410
تاريخ التسجيل : 24/10/2012
العمر : 67
الموقع : المغرب

إسقاط الطائرة Empty
مُساهمةموضوع: إسقاط الطائرة   إسقاط الطائرة Icon_minitime1الخميس يناير 17, 2013 5:28 pm

كلما ركبت طائرة توجست من سقوطها، فخوفي أزلي من هذه المركبة العجيبة التي تخترق الضباب. هناك دائما سائل يهمس في أذني: ماذا لو حدث أي طارئ فسقطنا جميعا وأصبحنا في
خبر كان، رغم كفاءة البشر القائدين لهذه الآلة المحلقة عاليا في السماء، يد الله فوق أيدينا، واللطف الإلهي حاضر دائما، ونحن في النهاية مسيرون ولسنا مخيرين. هذا الإيمان يظل يقظا بداخلي في كل رحلة جوية وأظل أردد في نفسي: كل شيء في يد الله. وأنا أقرأ مأساة أفراد أسرة برادة، رحمهم الله، ليلة كنت أستقل طائرتي نحو المغرب، ارتعبت وحزنت أكثر لمصيرهم وتعجبت لشجاعة الأب الربان، كيف يستطيع أن يتولى قيادة الطائرة ويأمن على حياته وحياة أبنائه، لا بد أنه ربان ماهر ورجل واثق من قدراته. حينما اطلعت على مساره، أدركت أنه رجل كفء لم نعرفه من قبل، حيث كان يكتفي بتحقيق الشهرة والنجاح لشركته، وإيجاد مكان خاص لنفسه داخل أسرته. ويبدو هذا من الصور التي تبين جزءا من حقيقة السعادة التي كانت تحياها هذه الأسرة، ولفتت انتباهي أيضا أسماءُ الأبناء: إيطو وإدريس وأمين، أسماء راقية تعتز بتربتها الأمازيغية والمغربية، الأمر الذي بدد شكوكي حينما قالت ابنتي «أولادهم ذوو جمال وحسن مثل النصارى فلربما كان ممكنا للأغنياء بفضل أموالهم أن يختاروا إنجاب أبناء وفق رغباتهم». ركبت الطائرة أدعو الله بالرحمة لهذه الأسرة يسبقني توجسي الدائم، لكني حينما وجدت الطائرة غاصة بالمسافرين وفيها وجوه كثيرة أعرفها، تستقل نفس الطائرة للسفر من أجل مناقشة موضوع يشغل أهل هولندا المغاربة وهو التعويضات العائلية، اطمأن قلبي وقلت: في الموت وسط الأحباب عزاء، حتى إن شقيقتي الصغيرة قالت معلقة على الحادث: يبدو أنهم يحبون بعضهم البعض كثيرا لذلك لم يفترقوا في الموت كما في الحياة. ولهذا السبب لا يستطيع بعض الأزواج، مثلا، أن يستمر أحدهما في الحياة بعد وفاة شريكه. في الموت وطريقة الموت عبرة يا أولي الألباب، فهو يتربص بنا كل حين وعلينا أن نملك الشجاعة والإيمان لمواجهته. بداية هذا العام، لم تكن سعيدة تماما، فقد قادتني صدفة السفر إلى الخارج لمتابعة ومعايشة حدثين: حادث سقوط طائرة برادة وحدث مقتل فتاة مغربية على يد والدتها بسبب تحرر البنت وانفلاتها من سلطة والديها، كما قيل؛ فالمجتمع الهولندي مجتمع يغري بالحياة ولا شيء غير الحياة، لكن الموت يمكن أن يحضر في أي حين، وقد يكون على يد أقرب الناس.
تأسفت كثيرا وأنا أتابع الصحافة الهولندية تتهم الأم التي رفضت حياة التحرر التي كانت تعيشها ابنتها، فأجهزت عليها بطعنة سكين حاد وهي في ربيع عمرها. وأنا أنتظر الطائرة رمقت عيني فتاة جميلة في عز مراهقتها مرفوقة بوالدتها.. امرأة ذهب الزمان برونقها ولم تتبق منه سوى «الحروف»، ترتدي حجابا عاديا خفيفا. الابنة تحفة من الجمال والإثارة حتى إن الرائي ليحسبها هولندية، تمضغ العلك في دلال وتضع سروالا ضيقا «طاي باص» ملتصقا تماما بجسدها، الأم تتجاهل تماما غنج ابنتها وحركاتها الهيفاء. نظرت إلى الأم ودققت النظر وحوّلت نظري إلى البنت الفاتنة التي تحمل ملامح أمها المتعبة جراء الغربة والكفاح.. ثم تذكرت مريم القتيلة ووالدتها المهددة بالسجن مدى الحياة، وسألت نفسي: لمَ لم تفعل أم مريم مثلما تفعل هذه الأم المهاجرة، لا تبالي بابنتها وتتركها تفعل ما يحلو لها دون كوابح، وتترك للزمن أن يعلمها ما لم تتعلمه، فبعض التعقيدات لا يحلها سوى الوقت ورب العالمين.
كانت الفتاة معي في نفس الطائرة والركاب جميعهم يتطلعون إلى جمالها وجرأتها بين الاستلطاف والاستيعاذ بالله. إنها صور من الحياة فقط نتعامل معها كل يوم وكل حين، السؤال هو: كيف سنتعامل معها؟ طائرتي وصلت بأمان ولم تسقط ولله الحمد، أسقطت فقط أفكاري السوداء التي تظل تطاردني كلما حلقت في الجو، ربما لأنني أنتبه إلى كل الناس والحركات والهمزات، هكذا هم نحن الذين قد ندعي بعض الوعي والحساسية المفرطة، ندقق كثيرا ونتعب أرواحنا بما قد يقع وما قد لا يقع، أحيانا كثيرة نسقط الطائرة وهي لم تسقط. هناك أناس عبر هذا العالم يركبون الطائرة أكثر من سياراتهم ولا يسقطون أبدا، يعيشون ويهيمون.. لكن احتمالات السقوط دائما واردة. المهم أن نعيش بسخاء وشجاعة كما فعل برادة، رحمه الله. أسأل الله لي ولكم اللطف في ما جرت به المقادير.

سميرة مغداد
مديرة مكتب مجلة «سيدتي» بالرباط
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://chobah.yoo7.com
حميد
نائب المدير
نائب المدير



عدد المساهمات : 108
تاريخ التسجيل : 02/02/2013

إسقاط الطائرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: إسقاط الطائرة   إسقاط الطائرة Icon_minitime1الأحد فبراير 24, 2013 12:48 pm

شكرا لك على هذه المعلومات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إسقاط الطائرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شعبة العلم :: الطبشورة الثقافية :: مواضيع عامة-
انتقل الى: